تم إعداد نهائي يورو 2024 ليعرض تصادمًا بين فلسفات كرة القدم المتناقضة. من جهة، فريق حافظ على أصالته، ومن الجهة الأخرى، فريق اعتمد بشكل كبير على المناورات التكتيكية. تواجه إنجلترا، بقيادة مدرب يسمح للاعبيه بالتعبير عن أنفسهم، فريق فرنسا المنظم والمنهجي، بقيادة مدرب يضع لاعبيه كقطع الشطرنج. يمثل هذا النهائي أكثر من مجرد مباراة؛ إنه معركة بين نهجين مختلفين للعبة الجميلة.
تضم تشكيلات الفريقين بعضًا من أكبر الأسماء في كرة القدم، بما في ذلك بيلينغهام، مبابي، كين، فودن، غريزمان، وديمبيلي. كان الحماس بين الجماهير ملموسًا، شبيهًا بمهرجان موسيقي عالمي يضم أفضل الدي جي. ومع ذلك، وعلى الرغم من التشكيلات المليئة بالنجوم، كشف البطولة أن جوهر الجهد الجماعي غالبًا ما يطغى على التألق الفردي. كان على اللاعبين العمل ضمن إطار جماعي، مما يخفف من اللمعان الفردي المتوقع.
خلال البطولة، بدا أن كلا من إنجلترا وفرنسا قد فقدتا هويتهما المميزة، متمازجتين في أسلوب لعب موحد وغير محدد. أصبحا غير قابلين للتمييز عن فرق أخرى مثل الدنمارك، صربيا، سويسرا، وإيطاليا. المدربان جاريث ساوثجيت وديدييه ديشامب، المدركان للانتقادات المحتملة في حالة الفشل، اختارا التكتيكات البراغماتية بدلاً من إبراز الإمكانيات الكاملة للاعبيهم. غالبًا ما جاء هذا الحذر الاستراتيجي على حساب جودة اللعبة وحرية الإبداع لدى اللاعبين.
حتى أن ديشامب اقترح أن يتجنب المديرون مشاهدة مباريات فريقه، بينما تعليقات ساوثجيت أشارت إلى التركيز على الاستراتيجية الدولية بدلاً من الرياضة الخالصة. اللاعبون، المتعبون من موسم طويل، افتقروا للطاقة لمواجهة هذه النهج. في الوقت نفسه، الفرق التي حاولت الحفاظ على أساليبها الفريدة، مثل تركيا، جورجيا، النمسا، وألمانيا المستضيفة، تم إقصاؤها مبكرًا، مما عزز الحاجة للبقاء التكتيكي على اللعب الفني. كان النهج البراغماتي للبطولة يتجلى عندما هولندا، التي ضحت بلمعانها من أجل النتائج، أخرجت تركيا، مما يبرز فعالية السخرية.
كان طريق إنجلترا إلى النهائي، على عكس فرنسا، يتضمن التغلب على فرق مثل سلوفاكيا، سويسرا، وهولندا. تمكن الفريق الإنجليزي من الحفاظ على لمحة من هويته، متكيفًا وتغلب على الصعوبات من خلال الإصرار البحت. قدرتهم على العودة من الخلف، الفوز في الوقت الإضافي، والانتصار في ضربات الجزاء أظهرت مرونة تتناقض مع الصلابة التكتيكية لفرنسا. كلما تم تجاوز تعليمات ساوثجيت التقييدية، استطاعت إنجلترا الاستفادة من إمكانياتها الكامنة، مما يعيد إلى الأذهان الضجة التي سبقت البطولة.
من جهة أخرى، برزت إسبانيا كآخر فريق حافظ على أصالته. تحت قيادة لويس دي لا فوينتي، الذي رعاه العديد من لاعبيه منذ شبابهم، لعبت إسبانيا بشجاعة وفخر وطني بدلاً من الخوف. بناء نجاح الفريق كان على الثقة والاستمرارية، مما سمح للاعبين مثل داني أولمو وفابيان رويز بالتألق. نهج إسبانيا كان على النقيض من القيود التكتيكية التي شوهدت في الفرق الأخرى. مع اقتراب النهائي، تواجه إنجلترا خصمًا هائلًا في إسبانيا، فريق يجسد انتصار الأصالة على السخرية، والشغف الحقيقي على الاستراتيجية المحسوبة. المباراة النهائية مهيأة لتكون اختبارًا لهذه الفلسفات المتناقضة، مما يعد بخاتمة مثيرة للبطولة.
ADD A COMMENT :